pre-loader

فضيلة الشيخ كنج أحمد المسليار : رائد المدرسة التعليمية التكاملية بكيرلا المسلمة

فضيلة الشيخ كنج أحمد المسليار :  رائد المدرسة التعليمية التكاملية  بكيرلا المسلمة

فضيلة الشيخ كنج أحمد المسليار : رائد المدرسة التعليمية التكاملية بكيرلا المسلمة

  • ١٦ جُمَادَىٰ ٱلْآخِرَة‎‎ ١٤٤١

           قد أرسل الله تعالى إلى كرة أرضنا الواسعة كثيرا من الأنبياء والمرسلين لإشاعة دينه القويم والدعوة إلى نهجه المتين. وكان هؤلاءالمذكورون دعاة وحماة وقضاة للإسلام في أزمنتهم صابرين على مخالفات المعاندين وأذاهم مطمئنين مستخدمين طرقا متنوعة ملائمة لأممهم. وقام بعدهم بهذه المهمة العظيمة التابعون لهم من الأولياء والعلماء والصالحين.

          العلماء ورثة الأنبياء. حياتهم متعلقة بطاعة الله تعالى وعبادته دائمًا. وحياتهم مشغولة بالعلم والتعليم، ليس لهم أيّ فكر من الأفكار الدنيوية الخبيثة، بل يذكرون الله كثيرا ويخافون الآخرة، و في كل حين وآن يعلّمون لوجه الله الكريم، ليس لهم خوف ولا وصب ولا نصب ولاهمّ. وهم في ذمّة الله وحفظه دائما. ويقضون حياتهم في مضمار نشر الملة البيضاء إلى كل أوب وصوب من العالم. ونرى في صفحات التاريخ الكيرلي الغني كثيرا من الشخصيات البارزة الذين لم يألوا جهدهم لنصر الإسلام و إذاعته بطرق مستجدة وشيدوا عدة من المبادرات التربوية والدعوية حسب متطلبات الأمة المسلمة الكيرلية غير مكترثين بالتحديات الواقعة من اعداء الله ورسوله على كر العصور والأيام. وفي سبيل ذلك حدث هنا كثير من المؤلفات والمعاهد والتحركات التي لعبت دورا حاسما في تشخيص مستقبل الأمة الإسلامية والتي انشأت وعيا ذاتيا وشعورا نفسيا وصحوة ثقافية في حقل نهضة المسلمين تربويا وثقافيا ....

 وكان منهم بانى "الرحمانية" فضيلة الشيخ كنج أحمد المسليار التشيكلوتي عالم من علماء ولاية كيرلا، وكان رائدا للحركة التعليمية المسماة بــ"الرحمانية" بمنطقة "ودكرا" كما كان داعية عظيما وعاملا نشيطا في الدعوة الإسلامية وبناء المشروعات التربوية ومؤسسا للكلية الرحمانية العربية والمعاهد التابعة لها بقرية "كدميرى".

"تشيكلود" أسرة عريقة طيبة اشتهرت في كدميري، وقد أنجبت كثيرا من الشخصيات الفاضلة وهي غنية بالعلم والمال والنسب هناك. ومنهم فضيلة الشيخ كنج احمد المسليار، وكانت ولادته في الواحد والعشرين من فبراير لسنة 1925 م إبنا لفضيلة الشيخ كنج عبد الله المسليار – كان يعرف بـــ"تشيكلود اور" -   والسيدة بياتو، و بعدما حصل على العلوم الإبتدائية من مدرسة "شيركل" التحق بالدرس في المسجد الجامع بــ"وليافلي" ثم بـــ"تلبرمب" لفضيلة الشيخ عبد الرحمان المسليارالشيركلي، وتعلم هناك سنوات كثيرة. ثم التحق بدرس فضيلة الشيخ كوتملا أبوبكر المسليار سنة 1945. وكان من زملائه المهمة أم.أم بشير المسليار وإي.كى حسن المسليار وغيرهم من العلماء العباقر والمشاهير بالولاية. وبعد سنتين لما مرض والده الكريم ختم دراسته ورجع إلى عائلته مجبورًا. وبعد ذلك كانت حياته الباقية مليئة بالخدمات الجليلة لدين الإسلام من إشاعة العلوم الدينية والدنيوية وتجهيز المعونات لتزويج الجاريات الفقيرة. ولتربية اليتامى ولبناء البيوت لهم.

  وتدخّل كثيرا في إشاعة العلم والدين واشتغل به فيما بين الناس. وواجه في سبيل ذلك مشكلات عديدة، ولكن لم يقنط أبدا. بل توكل على الله في جميع أموره الدنيوية والأخروية مع الشجاعة والشهامة والثقة بالنفس. وقد سعي سعيا حثيثا وحاول محاولة كبيرة لبناء الكلية الرحمانية العربية والمعاهد التابعة لها.

فمن إثر ذلك انطلق مظهر الثورة العلمية بــ"كدميرى"   في ولاية كيرلا عبر هذه المشروعة العملاقة. وبدأت الكلية هنا بقليل من المتعلمين. ثم تطورت يوما فيوما فورًا وفورًا بتوفيق الله تعالى عزوجلّ. وكانت الأزمة في الإقتصاد والإعتراض من قبل المجتمع قوةوحماسا له في درب عمله ومسيرةثباته في اعلاء كلمة الله الواحد القهار. وكانت الأدعية سلاحه والإخلاص جنّته. وكان أصم عن العتاب وأعمى عن التهم. وانقطع إليها بقلبه وقالبه بصورة كاملة.  

فكان عالما ماهرا في الفنون الإسلامية، وعظّم   ما عظم الله وكره ما كره الله واعرض عن جميع   الإعتراض حق الإعتراض، فلذا صارت البلد مشهورا جدا في ولاية كيرلا وفي الهند وخارجها. ومن مواقفه الجلية وميوله البهية حرصه الشديد على أن تكون الأمة المسلمة ماهرة في كل مرحلة من مراحلها في حياتها اليومية ومن أجل ذلك ضم إلى المنهج الدراسي كثيرا من الفنون العصرية من تقنية المعلومات وتعلم اللغات وتدريب الأشغال من الخياطة و تجليد الكتب وغيرها. وهي التي تساعد لخلق مناخ مناسب لتطور الطلاب وترقيتهم لمستقبلهم الباسم ولإغنائهم خلقيا وعقليا.... اليوم يعمل تحتها عدد عديد من المعاهد التعليمية من المدرسة الثانوية العالية وبابلك اسكول، وكلية البنات، والمدرسة الداخلية وغيرها ....

لما طلعت الأفكار الجديدة العصرية في الدول الغربية قد أثرت آثارها في مجال الدين في ولايتنا. وتهيأ بعض من الناس لقبول العلوم الإصلاحية ولترك العلوم الأصلية في الدين والشرع. فقاموا بإشاعة هذه العلوم الباطلة في مختلف الجوانب. وعملوا وشمرواعن ساقهم ضد الدين الحق. ولم يكرموا شعائر الله ودينه. ولفقوا التّهم حيال علمائنا في ولاية كيرلا بأنهم شبه بالمشركين.

فحين وصولهم إلى منطقة "ودكرا" بهذه الأصلاحات المبتدعة المخالفة لأهل السنة والجماعة وشريعة دين الله الإسلام تصدّى شيخنا فضيلة الشيخ كنج أحمد المسليار التشيكلوتى لمنع هؤلاء القوم المذكورين ولحفاظ دين الله في بلده ببناء مركز ديني عظيم.

ثم ألقى خطته بين أيدي العلماء المكرمين المشهورين لجمعية العلماء لعموم كيرلا. أخيرا حقق رغبته في بناء معهد شريف في بلده وسمّاه بــ"الكلية الرحمانية العربية". وبالتالي بدأ التعلم والتعليم لأول مرة بقراءة بعض من سطور كتاب فتح المعين تحت إشراف سماحة الشيخ كنيت أحمد المسليار (نور الله مرقده). ولم يكن يسترح ذلك الشخص الفذّ بعد بناء هذا المعهد. وكانت ولادته في الأسرة الغنية، ولكن عاش وتجول في البلاد كالفقير وجمع المال و المطعم والمشرب للطلبةهناك وكدّ جبينه بما فيه من الجهد الجهيد لتربية حلمه التعليمي في بلده ووصل نهاره ليله وسار في تحقيق طموحاته العلمية إلى أقصى مسيرته. كأن لم يكن مولودا في العائلة الغنية ... ولم يعرفه أحد من الناس إلا من عرفه عن كثب..... ومن الجدير بالذكر انه قد كان له في فجر هذه الكلية أضرار جمّة من جانب الإقتصاد والاجتماع وغيرهما. ومع ذلك لم يكن هناك امكانيات كافية للمتعلمين والمدرسين ولم تجد الإدارة اي سبيل لسد حوائجها وحل مشاكلها.

ففي هذه الخلفية الضيقة إنفرد باني هذه الكلية ولكن لم يتعب ولم يحزن وهكذا لم يسترح أبدا. ودام داعيا أمام رب العرش العظيم. لقيام هذا المعهد. وبعد ذلك تصورت بيئة هادئة ومنبع علمي في حرمها وباهت شقيقاتها بما لديها من الموارد العليمة والمنتوجات الجهابذة التي انتشرت طيلة بلادنا برمتها ... واتي إليها أيام فاخرة عامرة بسهوليات العلم والتعليم يالنسبة إلى الوافدين إليها ... ومع ذلك كانت ينبوعا مهما لتعليم اللغات الأردوية والإنجليزية والعربية اليوم لها صيت ذائع وسمعة طائرة من بين العلماء والمفكرين وأعلام الرجال من داخل كيرلا وخارجها ....

اليوم قد ابتدأت معاهد تابعة لها تحت أشرافها في مختلف نواحي بلادنا... وتنتشر دورة الرحماني يوما فيوما الى الطلبة والأولياء بسبب قيمة منهجها الدراسي وتطبيق منهاهجها التعليمة الحديثة حسب العصر الراهن ... فلنفخر في عصرنا الحديث بأمثال هذه المؤسسات التعليمية ذات القدوة الحسنة للأجيال الناشئة والأمم التالية أدامها الله إلى يوم القيامة ونفعنا بها في الدارين آمين ...

 


لتزويد مجلتنا المطبوعة

إضغط هنا