نبذة عن حياة سماحة الشيخ شمس العلماء - نور الله مرقده -
نبذة عن حياة سماحة الشيخ شمس العلماء - نور الله مرقده -
- ٤ ٱلْمُحَرَّم ١٤٤٢
إنّ ولاية كيرلا انجبت شخصيات عباقرة وعلماء فحول ساهموا مساهمات قيمة على سعيد شتىى باعمال مختلفة. وحياتهم مملوئة بطاعة الله وعبادته ومشغولة بالعلم والتعليم والتدريس. صاروا عجائب خالدة خلود الأبد، حتى في العصر الراهن. لا يمكن احد أن ينسى حياتهم مسجلة بالأحرف الذهبية. وقاموا بمسئولياتهم على قيادة الأمة الى الخير. ولم يعيشوا لنفسهم أبدًا. بل كانت أمور الأمّة قبل نفسهم والدعوة قبل بيتهم.
ومن أهمهم فضيلة الشيخ أبو بكر المسليار الملقب بشمس العلماء الذى لا يستطيع أحد أن ينسى هذا الزعيم لخدماته الجبارة في مختلف المجال والمراحل. وكان الشيخ جامعًا بين العلم والعمل، جامعا بين مكارم الأخلاق وعلو الهمّة، جامعا بين الخصال مالا يمكن وصفه وكان زعيما روحيًا للأمّة المسلمة في كيرلا بلا نزاع. واهتم الشيخ بأمور الأمّة بادئ ذى بدء. انّه ثلمة لا تسد على أمّة كيرلا خاصة. وعلى العالم عامة حتى في العصر الراهن.
مولده وقبيلته
وقد ولد فضيلة الشيخ شمس العلماء اي كى أبو بكر مسليار في القبيلة العربية النازلة في السفينة ضفّة مليبار مهاجرين من حضر موت بتريم احدى مدن الجمهورية العربية اليمن قاصدين الدعوة الإسلامية. وكان والده كوياكوتى المسليار الذى اشتهر بالعلم والورع والزهد والتقوى. وكان اخوته علماء اجلاء لا سيما اخيه حسن المسيار الذى كان سيفا مسلولا ضدّ المبتدعين والمشايخ الكذابين. إنّ ولادته في عام 1333 هجريا الموافق 1914 ميلاديا في بارمبيل كداو (Parambil Kadavu) قرب مدينة كاليكوت في عائلة كريمة مشهورة تسمّى ايزو تاشان كندى. إذا إنّه نالت الحظوة والسمعة في جدول ممتلئ بأسماء العلماء العظماء على صعيد العالم. إنّ ولادته تكرار التاريخ الحق في تراب كيرلا التي نشأ فيها مثل فضيلة الشيخ زين الدين المخدوم وعمر القاضى والسيد فوكويا بفاناكاد والسيّد عبد الرحمان بافقيه والسيد ملاكويا بوراكال وأحمد كويا الشالياتى وغيرهم من العلماء البارزين رضي الله عنهم ونفعنا بعلومهم في الدارين.
رحلته الدراسية
إنّه تلمّذ في دراسته الإبتدائية الدينية على والده الفقيد كويا كوتى المسليار الذى اشتهر بالعلم والتقوى والورع و اعمال الإجتماع. وكان الشيخ لا يتشاغل مالا يعنيه ولا يستحيى من التعليم ولا يتشاغل في طفولته كغيره من الصبيان باللعب واللهو ولكن الوحشة....
وزملائه الأحمّاء كتب حسنة مختلفة في لغة شتى سواء كانت في لغة الأمّ أو غيرها من الإنجليزية والعربية والفارسية. وهوايته المهمة القراءة ويتشاغل بها دائبا حتىى أعجبت بقرائته ابوه عندما اختبر غرفته. لمّا احسّ كويا كوتى المسليار فطانته وذكائه وقوته في التذكير وتوق شديد وحبّ الاستطلاع في التعليم فازدرعه إلى تعليم الشريعة الاسلامية كما ينقل نبتة إلى تربة أخرى. لكن لم يكن عليه بهذا الازدراع مشقة واحدة.
بعد ان تلقى الشيخ العلوم الابتدائية من أبيه من النحو و الصرف وغيرها حتى تلمذ على اب سى ام ولي الله سى ام كنج ماين مسليار المشهور بالعلم والنسك. وكان شمس العلماء عالما قبل الالتحاق بالدرس منذ نعومة اظفاره – قام بثورات مهمة في هذا الدرس بإيتاء خصلة متعينة محتلفة رأسا على رأس من المناظرة و المناقدة والمباحثة والمناقشة من بين المتعلمين. وبعد ذلك تعلم في ماتول (Mattool) وكافاد (Kappad) وماتنور (Matannur) ووازكاد (Vazhakkad) تحت اشراف الأساتذة الكرام.
ومن اشهر اساتذته العظماء في غضون أوان تعليمه فضيلة الشيخ كانييات احمد المسليار، والشيخ قطبي محمد المسليار، والشيخ عبد الرحمن المسليار. وتخرج على يد شيخ المشايخ الشيخ آدم حضرت، و الشيخ عبد الجبار حضرت.
وهذه حقيقة ثابتة لا تقبل النقاش، من أنّه أخذ العلم من علماء ماهرين في فنون مخصوصة. وهذه لا بدّ لطالب العلم من توفير جميع أنواع العلوم. الحاقا بها فاز شيخنا بأضعاف مساعي جدّيّة. قد نال شيخنا سندا في الحديث من الفقيد أحمد كويا الشالياتى وعلم المنطق من عبد القادر الفضفري. وبهذا الاطار صار شيخنا ماهرا في هذه الفنون وقائدا في توفير جميع أنواع العلوم.
وكان شيخنا ضاربا في الأرض إلى كل أوب وصوب في الهند بزيارة مقابرة مشهورة حينما يقرب الامتحان بباقيات. ولكن يفوز الشيخ في امتحانه برتبة أولى بقوة تذكيره ومهارة في جميع الفنون. حينما رؤى تفوقه ودقته في جميع المواد المدروسة فعيّن مدرسا ومحاضرا في الجامعة في الآداب والحديث والفنون شتى. وبحثه في زهاء المواد في لغات متنوّعة. ما زال شيخنا مغرقا في القراءة في كلّ آن وحين دائبا بلا اختلاف اللغات. ورجع إلى ولاية كيرلا. وبعد ذلك كانت حياته الباقية مليئة بالخدمات الجليلة لدين الإسلام بخطبة عذبة طول ولاية كيرلا وتدريس في كليات ومساجد متنوعة.
وكما رشّح شمس العلماء عضوا لجمعية العلماء لعموم كيرلا سنة 1950م عندما تجرى سنويّتها الثامنة عشرة في منجيرى (Manjeri). وصار الأمين العام لها سنة 1957م بالغا من العمر 43/عاما. واستمرّ على ذلك المنصب حتى انتقل إلى رحمة الله تعالى سنة 1996 لهاء 49 عاما. ومما هو جدير بالذكر انّه تجري تحت هذه الجمعية ثمانية آلاف مدرسة دينية. وكان حلول حاسمة لقضايا مهمّة تشغل بال المجتمع. وحارب بتقديم خطبته على من شوّه الاسلام. وبالتالي أنجب امّة مثالية.
هذا معلوم من أنه قد لعب دورا مخصوصا في بناء الجامعة النورية العربية التى اسستها على التقوى عند عدم كلية واحدة في ولاية كيرلا لإكمال دراسة دينية عليا ونيل الشهادة. وابتدئت الجامعة النورية سنة 1962م بعد اتمام البناء والتشيد. ووضعته موضع الإحترام كعميد لها وتمتع الشيخ بمكانة مرموقة بتدريس جميع أنواع العلوم حتى تولى منصب العميد لكلية دار السلام بنندي. واستمر على ذلك حتى انتقل إلى رحمة الله تعالى.
أنه قد لعب دورا اهتماما في وجدان معهدين العظيمين إلى مكانة مرموقة عالية على صعيد العالم.
أهم خدماته
حينما نتصفح تاريخ كيرلا فنرى مناظرات مثيرة في قيادة شمس العلماء خلاف المبتدعين والمدعين والمضلين الذين قاموا بتشوه الإسلام. ويتطامنون امامه بخطبته العذبة كانّما يجلد الذب الى كرمه. ومنها مناظرة ملياكرشى (mallya krish) سنة 1952م ومؤتمر الطريقة بودكرى(vadakara) سنة 1963م وغيرها.
وقد الف الشيخ في غضون الحياة المختصرة كتبا عديدة في شتى المواضيع منها خطبة الجمعة "وتنقيد القادرية "و"رسالة الأربعة المتناسبة" وغيرها انّه قد لقي اقبالا كبيرا من طرف الجماهير بخطبته تطير صواب الفتى. ويواصل كمية هائلة لسماع خطبته من جوانب كيرلا. وهذه حقيقة لا يختلف فيها إثنان ولا ينقطع فيها عنزان.
وفاته
توفّى شيخنا شمس العلماء من المستشفى "فاطمة" بكاليكوت في صباح يوم الإثنين 19 اغسطس\آب 1996 م المصادف ع من شهر ربيع الأول 1417 ه بالغا من العمر 82\عامّا فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وكان آخر كلمة الراحل الكريم "لا اله الّا الله موافقا آخر كلمة اذان الصبح من المساجد. كانت وفاته ثلمة لا ترتق لامّة كيرلا. هزت قلوبهم وأحزنت نفوسهم وادمعت عيونهم . صارت وفاة الشيخ خاتمة من انهمك بنصيب الاسد على هذه الامّة. وممّا يزيد فضله العدد الهائل من الذين شاركوا في متابعة جنازة الشيخ من كلّ أوب وصوب أثر سماعه.
رحمه الله رحمة واسعة. وتقبل منه صالح اعماله. وغفر له زلاته وأدخله فسيح جناته آمين يا ربّ العالمين.