pre-loader

كل نفس ذائقة الموت

كل نفس ذائقة الموت

كل نفس ذائقة الموت

  • ٤ ٱلْمُحَرَّم ١٤٤٢

إن الموت ليس بنهاية ابدية بالنسبة إلى المؤمنين، بل هو انتقال من الحياة الفانية إلى الحياة الخالدة يعنى الأخرة، من حيث ذلك المأوى الأخير. و الأخرة ساعة سنقدم فيها تقريرا بينا بكل ما فعلنا به في هذه الدنيا. فكل انسان سيلقى نفسه لحظة الموت التي تقوده إلى الخلود. وفي الحقيقة كل انسان سوف يرحل يوما من هنا، وكل يوم يمر بنا يقربنا إلى الموت، ولذلك فالاجتهاد للهروب من الموت أمر لا جدوى تحته.

                وهنا بعض من الناس الذين يؤمنون بالآخرة ولكنهم يبدون الحزن والأسى عند فقدان شخص ما. لكن ينبغي لهم ان يعرفوا بان الله تعالى لا يظلم أحدا، وكل انسان سوف يحاسب على ما عمل به في هذه الحياة الزائلة، ولهذا فكل من آمن بالله تعالى وبالآخرة ان يعبدو يذكر خالقه في كل حين وآن، لان الموت باب وبداية لحياة اخرى في عالم آخر.

   فأما الذين آمنوا بالله ورسوله حق الإيمان والاعتقاد هم يدخلون بالموت إلى المرحلة الاولى لذوق حلاوة النجاة وشعور لذتها حسب أعمالهم و يرون ما يجازى به لهم في الدار الآخرة. ولذا لاحاجة للمؤمنين أن يأسفوا بذكر موتهم أبدا، لأنه أفنى حياتهم فيما يرضي الله سبحانه وتعالى، وإضافة إلى ذلك ان يكونوا فرحين بذلك لعلمهم بالسعادة الابدية بعد موتهم، وإن المؤمن الذي عاش حياة مديدة طويلة مبذولة في خدمة الله يستحق نيل الجائزة العظيمة بلا شك من الله. وهذا حقيقة عارية في ضوء تواريخ الأنبياء والمرسلين والصالحين الذين مضوا هنا في سبيل الله الواحد القهار.

  ولكن الأسف كل الأسف يعتبر بعض من الناس طول العمر بأنه فرصة سانحة اضافية للتمتع بحطام الدنيا، فهؤلاء الناس هم الذين ينسون الله واليوم الآخر ويفشلون في فهم قيمة الحياة والوقت، وسيكونون عندلله خاسرين خائبين يوم القيامة.

  ومن ناحية أخرى ان كثيرا من الناس يعيشون على معزل من المناسبة الدينية ويظنون ان اُفقهم هذا هو المبدأ والمآل، وهي الحياة الوحيدة، ولا شيئ بعدها، ولكن هولاء النفر ينسون عمدا بالحقائق المهمة ومنها أن لاأحد فوق هذا الكون الواسع، ولا مدبر يدبر الأشياء كلها تحت إرادته ومشيئته، وهذا سفاهة واضحة لاتليق لألي النهى والأحلام، فحياة كل واحد منا بيد الله تعالى، وهو يقدّر وينفخ الروح ويستردها حيث يشاء من عباده، فلا يؤخر أجل أحد إذا آن أوانه إليه، مصداقا لقوله العظيم في محكم كتابه العزيز: ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها... آخر الأية. فعل كل محتوم ان يستعد لقبول الموت مع الفرح والسرور بما استطاع له من قوة، ولم يحاول ان يبق من ظاهرة الموت آبدا.

  في الواقع نحن نسمع كل يوم وليلة عن الموت... ولكن ما معناه؟ وما حقيقته؟ فالجواب ان الموت انتقال الروح من جسم الإنسان إلى درجة الحياة السرمدية بعد مرحلة مؤقتة، وهو مجرد ابتلاء وامتحان من الله ، وإذا نجا فيه يحظي بالظفر عند الله وإذا رسب فيه يسقط في يده لديه.

  مرة كان بعض من الصحابة يضحكون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حينما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أتى إليهم فقال: لو يعلم ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا أفلا ندلكم على أكثر هادم اللذات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الموت فإن نجح من ذلك نجح في القبر والآخرة ، فإن خاب منه خسر في القبر والآخرة وغيرها.

  فنبغي علينا ان نذكر الموت كل وقت، وحينما وافى الأجل لواحد لايبقى له عند موته شيئ من الدنيا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث، عمل صالح، أو صدقة جارية، أولد صالح يدعوله". وفي غضون هذا الحديث الشريف ننال رسالة بالقيام بالأعمال الصالحات في هذه الحياة القليلة. وكذلك نسأل الله تعالى ان يحالفنا بالتوفيق بالموت الحسن وحسن الخاتمة. وفقنا لله لهذا آمين.

 


لتزويد مجلتنا المطبوعة

إضغط هنا