pre-loader

الشيخ كنج احمد المسليار: مفكر غير مسار التعليم الإسلامي بكيرلا

الشيخ كنج احمد المسليار: مفكر غير مسار التعليم الإسلامي بكيرلا

الشيخ كنج احمد المسليار: مفكر غير مسار التعليم الإسلامي بكيرلا

  • ٢٦ صَفَر‎ ١٤٤٦
  • محمد أزهر جمال كانور

العلماء العاملون الصالحون هم النّور الساطع الذي يتنوّر به العالم ويخرجه من دياجير الجهل إلى بروق العلم، وهُم الخلفاء بعد الأنبياء على أُممهم وورثتهم، قال الله -تعالى: في محكم تنزيله (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر". فالعلماء ورثة الأنبياء في وجوب تبليغ الدين الحق ونشره حتى يظهر على جميع الأديان. ولا يكون العالِم متصفا بهذه الصفات المحمودة إلا إذا صفا علمه وعمله وارتقى إلى معالي الكمال وابتعد عن الشهوات التي تُخفضه وأعرض عن لومة اللائم وطعنه

          قد منّ اللّه المنان تربة كيرلا بامتنانه الغزير في كل أزمنة. وقد أنجبت بلاد كيرالا دعاة وحماة وقضاة للإسلام يدعون الناس إلى الدين الحق والعقيدة الصحيحة ويقضون على العقائد الفاسدة والمنحرفة. نرى في أوراق تاريخ كيرالا الغني العلماء الراسخين الذين لم يألوا جهدهم في إشاعة دين الله القويم. كانت حياتهم متعلقة بالأفكار الأخروية، ليس لهم أي فكر من الأفكار الدنيوية الخبيثة. بل يذكرون اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا ويخافونه بالليل والنهار سرا وعلانية، ويقضون حياتهم في مضمار نشر العلوم الدينية إلى كل أوب وصوب من العالم. وكان منهم فضيلة الشيخ كنج أحمد المسليار التشيكلوتي، مؤسس الجامعة الرحمانية الإسلامية بكدميري. إنه ولد في أسرة عريقة طيبة مشهورة باسم "تشيكلود" بمحافظة كدميري، كاليكوت. إن هذه الأسرة غنية بالعلم والمال والنسب في تلك البلاد. بعد تلقيه العلوم الشرعية صار الشيخ رائدا للحركة التعليمية ونهضة الأمة الإسلامية في ولاية كيرلا. إن الشيخ قام بعدة مبادرات تربوية ودعوية حسب متطلبات الأمة المسلمة بكيرالا آنذاك. كما أنه كان داعية صالحا وعاملا نشيطا في حقل الدعوة الإسلامية وبناء المشروعات التربوية. وفي هذا الصدد قام بتأسيس الجامعة الرحمانية الإسلامية التي لعبت دورا حاسما في تشكيل مستقبل الأمة الإسلامية.

          فكّر الشيخ في تأسيس هذا الصرح العلمي الكبير عندما قام أهل البدعة والأهواء بنشر عقيدتهم الفاسدة التي بذرت في قلوب المسلمين الذين يسكنون في أقاليم ‘ودكرا‘ والمناطق المجاورة لها شكوكا كثيرة في عاداتهم وتقاليدهم التقليدية التي احتضنتها هذه المناطق نتيجة لنشاطات الدعاة العالمين الصالحين وجهود الصوفيين ابتغاء رضا الله عز وجل وبذل أهل البدعة جهوداً كبيرة لتضليل الناس عن الطريق المستقيم باسم الإغاثة والخيرات الاجتماعية وأفرطوا في تفسير القرآن والأحاديث النبوية وشمروا عن ساقهم لتغيير الأجواء الهادئة التي لم تزل تستقر في بلاد ودكرا، استجابة للحفاظ على التعاليم الإسلامية التقليدية وحرصا على الدعوة الدينية في عقيدتها الصحيحة زار الشيخ كنج أحمد مسليار كبار العلماء من مختلف البلاد بما فيهم رؤساء جمعية العلماء لعموم كيرالا واستشارهم في حل هذه المشاكل الطارئة وجمع عوام الناس وخواصهم لمناقشة هذه المشاكل التي تواجهها الأمة آنذاك. وقرر إنشاء معهد يخرج العلماء القادرين على نشـر العقيدة الصحيحة السليمة من كل شوائب وتغييرات وعلى هداية الناس إلى نهج قويم. ولذا جمع علماء وسادات وأمراء ولاية كيرالا المشهورين في المسجد الجامع بكدميري للتشاور معهم هدفه العظيم مثلما طلب الاقتراحات والآراء اللازمة والإرشادات لبناء معهد ديني. وبالتالي تحقق هدفه بتأسيس معهد ديني وقام العالم المشهور والعارف بالله الشيخ كنيت أحمد المسليا بافتتاح التدريس فيه بقراءة كتاب فتح المعين للإمام زين الدين المخدوم. وواجه في سبيل ذلك مشكلات عديدة. ولكن لم يقنط من رحمة اللّه الرحمن. بل توكل عليه في جميع أموره الدنيوية والأخروية مع الشجاعة والشهامة والثقة بالنفس. وواجه العديد من الصعوبات والتضحيات في بناء الجامعة الرحمانية الإسلامية والمعاهد التابعة لها.

في الأيام الأولى، عندما واجه الشيخ صعوبة كبيرة في توفير الطعام والمرافق الأخرى للمتعلمين والمعلمين، كان يتنقل من منزل إلى منزل ومن قرية إلى قرية وفي يده كيس لجمع الطعام وأشياء أخرى. لم يكن مجده العلمي والأسري عائقا عنه أصلا. حينما يتجول في البلاد والأسواق كالفقير لجمع المال والمطعوم والمشروب للطلبة نظره كثير من الناس بعين الحقارة والذلة. وأعرض سماحة الشيخ كنج أحمد المسليار عن جميع هذه السخرية والطعن حق الإعراض وعظم ما عظم الله وحقر ما حقر الله وكره ما كره الرحمن.

           تخطيا بخطواته وأفكاره في مجال التعليم الديني، أُسس كثير من المعاهد الدينية والحركات الإسلامية التي لها يد طولى في تطور المسلمين في حقل التعلم والتعليم الديني. ولا تزال تنتشـر مناهجه التعليمية في ربوع كيرالا من خلال مختلف المعاهد الدينية وأصبح صاحب زمام نهضة الأمة الإسلامية بولاية كيرلا. فلنفتخر في عصـرنا الحديث بأمثال هذه الشخصيات الكبار والمؤسسات التعليمية الشامخة. أدامها اللّه إلى يوم القيامة ونفعنا بها يوم المعاد. آمين يا رب العالمين.

 

 


لتزويد مجلتنا المطبوعة

إضغط هنا