pre-loader

الهند تصنع التاريخ بتشاندرايان-3

الهند تصنع التاريخ بتشاندرايان-3

الهند تصنع التاريخ بتشاندرايان-3

  • ١٥ صَفَر‎ ١٤٤٥
  • أسامة الرحماني (باحث الدكتوراه، كلية أم إي أس ممباد)


إن الهند أصبحت حديث العالم وذاع صيتها حتى بين البلدان المتقدمة وتظل في طليعتها في التطورات وتكنولوجيا المعلومات بعدما أحدثت العجيبة في مجال الفضاء ورحلاتها حينما هبطت مركبتها الفضائية تشاندرايان-3 بنجاح على سطح القمر وبدوره أصبحت الهند الدولة الرابعة في العالم التي حققت هبوطا آمنا على القمر بعد الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة والصين كما أنها أول دولة تمتعت بهبوط مركبتها الفضائية بالقرب من القطب الجنوبي للقمر مع أنه يعد صعبا بتضاريسها الوعرة أما الدول الأخرى فلم تهبط إلا بالقرب من خط الاستواء

                وأتت المهمة الهندية لمركبة تشاندرايان التي طورتها منظمة أبحاث الفضاء الهندية (ISRO) بعد أيام قليلة بتحطم المسبار "لونا-25" هو الأول الذي أرسلته روسيا إلى القمر منذ عام 1976 وهذه المركبة تضم جهاز الهبوط "فيركرام" (الشجاعة باللغة السانسكريتية) والروبوت المتحرك أي المسبار الذي يطلق عليه اسم “برغيان" (الحكمة)

                وبحسب منظمة أبحاث الفضاء الهندية، وهي وكالة الفضاء الهندية، أنها أطلقت الصاروخ في 14 يوليو/تموز من محطة الفضاء الرئيسية للهند بولاية آندرا براديش وسوف تستغرق رحلتها حوالي 42 يوما حيث تهبط يوم 23 أغسطس 2023، وقال رئيسها إس. سوماناث إن العديد من أولئك الذين عملوا في مهمة الرحلة الفضائية 2019 شاركوا في المهمة الحالية، والهبوط الناجح جاء ثمرة سنوات من جهودهم ولقد قاسوا الكثير من العذاب لمعرفة الخطأ الذي حدث.

                وجدير بالذكر أن الهند تمكنت من هذه المهمة بتكاليف قليلة حيث بلغت 74.6 مليون دولار وهي أقل بكثير مقارنة مع مهمات دول أخرى حيث يقول الخبراء إن الهند نجحت في هذه المهمة بكلفة غير باهظة وثقيلة من خلال التكنولوجيا الفضائية المتوافرة وتكييفها لأغراضها الخاصة أما المهمتان السابقتان للهند اللتان تم إطلاق رحلة أولاهما الفضائية إلى القمر سنة 2008 كما تم إطلاق رحلة ثانيتهما سنة 2019 بمناسبة الذكرى الخمسين لأول مهمة لرائد الفضاء الأمريكي نيل آرمسترونغ على سطح القمر، فقد كلفتا أكثر من أحدث الرحلات الفضائية حيث بلغت كلفة الرحلة الثانية 140 مليون دولارا ضعف كلفة المهمة الحالية.

                يعرب علماء الفضاء عن توقعاتهم بأن المسبار التي كانت قد حملته مركبة الهند الفضائية والتي تدار معداته بالطاقة الشمسية، يستكشف الجانب الجنوبي على مدار أسبوعين مشيرين إلى أنه يضم ثلجا ومعادن ثمينة كما أنه يفيدنا التركيب الكيميائي وتشكيل الصخور على سطح القمر بينما الرحلة الأولى عام 2008 كانت للبحث عن الماء على سطح القمر إلا أنها كشفت أن القمر محاط بغلاف جوي خلال النهار.

                الهبوط الهندي على سطح القمر قد شهد إقبالا كبيرا من مختلف الأصعدة دولية وغيرها بالإضافة إلى وصف رئيس الوزراء الهندي نريندرا مودي لهذا الإنجاز بأنه يوم تاريخي لقطاع الفضاء الهندي، حيث هنأ الرئيس الروسي فلادمير بوتين رئيس الوزراء الهندي بعد أيام من فشل مهمة روسية مماثلة كما قال الرئيس السابق لوكالة الفضاء الهندية ك. سيفان إن جهود الهند لاستكشاف القطب الجنوبي للقمر ستشكل مساهمة كبيرة جدا في المعرفة العلمية.

                يعد القمر الكوكب السماوي الوحيد الذي نزل عليه البشر بأقدامهم حيث نجح "لونا" التابع للاتحاد السوفيتي الأول من نوعه في الوصول إلى سطحه بواسطة مركبة فضائية غير مأهولة عام 1956 في حين برنامج "أبولو" التابع لوكالة ناسا الأمريكية حقق إنجاز السفر بالبعثات البشرية السبع بين عامي 1969-1972 ومنذ ذلك الحين توالت الرحلات إلى القمر بحثا عن الجديد والمزيد.

                ومن المؤكد أن الرحلة الحالية التي أحرزت بها الهند تقدما ملحوظا، سيساعد الوطن على تعزيز مكانتها من بين الدول الأخرى وتنشط الجانب الفضائي وتحفز الاكتشافات الفضائية في المستقبل كما سيؤدي إلى هبوط مركبة فضائية مأهولة في غضون بضعة سنين.


لتزويد مجلتنا المطبوعة

إضغط هنا