آمال تحملها نتائج انتخابات البرلمان الهندي
آمال تحملها نتائج انتخابات البرلمان الهندي
- ٢٢ صَفَر ١٤٤٦
- أسامة الرحماني مونيور
عند صدور نتائج البرلمان الهندي بتاريخ ٤ يونيو/حزيران، تمتعت الهند بشعلات الآمال وشرارات التوقعات بشأن غذ أفضل لعلمانية الهند ودستورها السديد وتاريخها التليد وتنفس الفقراء والمساكين والمزارعون الصعداء عندما يسمعون هذه النتائج إذ إن هذه لم تأت حسبما يظن الحزب الحاكم. وفي الحقيقة إن حزب الشعب الهندي (بهارتيا جاناتا) الحاكم الذي يقود التحالف الوطني الديموطراتي كانوا يظنون ويعلنون في كل خطاباتهم أنهم سيفوزون بأكثر من ٤٠٠ مقعد في البرلمان وسيحكمون الهند ولاية ثالثة متتالية ولكنهم لم يحصدوا هذه المقاعد البرلمانية
حسب إعلان مفوضية الانتخابات الهندية يوم فرز الأصوات، فاز حزب الشعب الهندي ب٢٤٠ مقعدا منتخبا في مجلس النواب مما جعله حزبا حصد أكبر عدد من المقاعد مقارنة بالأحزاب المرشحة الأخرى إلا أنه لم يجد الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة منفردا ولذا تم تشكيل هذه الحكومة بدعم الأحزاب الحليفة له لتصبح حكومة ائتلافية باسم التحالف الوطني الديموقراطي الذي تم تشكيله قبل أكثر من عشر سنوات والحزب الحاكم لم يكن يتوقع حاجته إلى حكومة ائتلافية لأنه قد حصل على ٢٨٣ مقعدا في انتخابات ٢٠٢٤ كما حقق الأغلبية في انتخابات ٢٠١٩ بفوزه ب٣٠٣ مقعد فاستطاع الحزب تشكيل الحكومة بمنفرده في الولايتين السابقتين
وفي الناحية الأخرى، أن حزب المؤتمر الوطني الهندي (الكونغرس) الذي لم يكن شيئا مذكورا في الولايتين السابقتين بعدما تولى مقاليد الخلافة وزمامها نحو أربعة عقود بعد حصول الهند على استقلالها، وفي الانتخاب الأخير فاز ب٩٩ مقعدا مقابل ٥٢ مقعدا في انتخابات ٢٠١٩ ما يعني أنه تضاعف عدد مقاعده في مجلس النواب وخفض الفارق في المقاعد بين حزبين أكبرين مرشحين حزبي المؤتمر والشعب من ٢٥١ مقعدا سنة ٢٠١٩ إلى 141 مقعد سنة ٢٠٢٤ كما حصد حزب المؤتمر مع حلفائه ٢٣٢ مقعدا عام ٢٠٢٤ مقابل ٩١ مقعدا عام ٢٠١٩ وهذا يدل على أن المعارضة لها صعود غير متوقع في قواها وأن الحكومة لن تستطيع الإعراض والتغاضي عنها
وجدير بالذكر أن الحزب الحاكم لم يغير سياساتها الاستفزازية في حملته الانتخابية من خطاب الكراهية وغيره مما لا طائل تحته بل له أثر سلبي بعيد المدى على تراث الهند وتاريخها المزدهر أما خطابه الكراهي فقد كان بعد تصويت الناخبين في إحدى المراحل السبع مما أثار جدلا واسعا بين أوساط السياسة وذلك لأن مفوضية الانتخابات لم يتخذ أي إجراءات لازمة حتى بعد أن تلقت من الشكاوى ما يصعب عده كما أنهم يريدون تحقيق مكاسبهم السياسية بافتتاح معبد هندوسي الذي بني على أنقاض المسجد البابري بعدما هدمه الهندوس المتطرفون سنة ١٩٩٢ مع أن كثيرين قاطعوا هذه الحفلة قائلين إن مودي يستخدمه من أجل فوزه الآتي بجذب مزيد من الناخبين ذوي الأغلبية الهندوسية إلا أن النتائج في أيودهيا جاءت مخالفة لتوقعات مودي الانتخابية إذ تمكنت المعارضة من انتزاع مقعد حزب الشعب في المنطقة
وفي المقابل، تقدمت المعارضة في حملتها الانتخابية بقضايا الدولة الاقتصادية والاجتماعية مثل البطالة والتضخم وهم كثفوها ضد سياسة الكراهية التي ينتهجها مودي وحزبه وضد سياسة قمع المعاهد الدستورية وكبتها اللذين يؤديان إلى الحد من الديموقراطية والقضاء على علمانية الهند وكل هذه الحملات المتتالية اللافتة للنظر اشتدت شوكتها بعد أن تم تشكيل تحالف جديد من قبل المعارضة باسم التحالف الوطني التنموي الهندي الشامل (INDIA) وهذا التحالف يضم أكبر عدد من أحزاب سياسية هندية على الإطلاق بقيادة حزب المؤتمر ليكون المرشح واحدا مشتركا بين كل هذه الأحزاب
إلى جانب هذا، أن عمليات الانتخابات السابعة عشرة للسنوات الخمس المقبلة قد استغرقت عدة مراحل حيث تمت على سبع مراحل انطلاقا من ١٩ أبريل / نيسان الفائت إلى أول يوليو / حزيران موزعة بين ٢٨ ولاية وثمانية أقاليم اتحادية هندية الأمر الذي يؤدي إلى اتهام المعارضة الحزبَ الحاكم بأن هذه المدة الطويلة يتمكن الحزب الحاكم فيها من قلب الأمور رأسا على عقب وجعل النتائج لصالحه مدعية بأن أجهزة الاقتراع يسهل التلاعب فيها لتزوير الانتخابات
الآن، اشتدت قوى المعارضة بهذا الفوز المفاجئ الذي أحرزه وتم تعيين راهول غاندي رئيسها بعد اختياره اللجنة التنفيذية للحزب المؤتمر رئيسا رسميا له إذ إنه لم يأل جهدا لمدافعة الدستور ومعاهدها عن المؤامرات وهو من عائلة غاندي المرموقة التي حكم منها الهند والده راجيف غاندي وجدته إنديرا غاندي وجده الأكبر جواهر لال نهرو رؤساء بعد أن كانت المعارضة لا زعيم لها رسميا لعدم استيفاء شروط اللوائح البرلمانية التي تنص على أن لايتم تعيين رئيس المعارضة إلا إذا كان ممثلا لحزب فاز بما لا يقل عن ١٠ مقعد كما أن من المتوقع أن التحالف الحاكم لم يكن له بد من مواجهة تساؤلات المعارضة بأسرها
بناء على تعدد الرؤيات والأيديولجيات التي تتمسك بها الأحزاب المنتمية إلى التحالف الوطني الديموقراطي، لا يستطيع مودي وحزبه تمرير أي قانون ولا يتخذ أي قرار بدون مناقشة بين حلفائه فيتفكك التحالف ويتبدد التعلق فيضعف قواه لذا علينا أن نكون على أتم الأمل في غدنا الأفضل.